المجاهد الشهيد عز الدين صبحي الشيخ خليل

وقد حدثني عن تلك اللحظات فقال إنه كلما كان يحاول فك الوثاق يشد على يده حتى تمزقت يده وسالت الدماء فقال للصهيوني فك وثاقي فرفض الصهيوني فقال له إما أن تفك وثاقي أو تطلق النار علي فما كان من الجندي إلا أن فك وثاقه بعد أن رآه عنيدا وجريئا وفور عودة الشاحنات إلى المعبر الصهيوني بدأ الجنود الصهاينة بإطلاق النيران فوق رؤوس المبعدين وحولهم لتحطيم معنوياتهم ونفسياتهم ولكن هيهات هيهات.
ومنذ لحظة وصولهم بدأوا بالاهتمام بترتيب أوضاعهم بعد أن تيقنوا بأنهم مبعدون فعلا وقد شكلوا لجنة بينهم لتوجيه أمورهم والاهتمام بها رغم صعوبة المكان والحياة اليومية كانوا يقومون نهارا بمساعدة بعضهم البعض في الغسل والتنظيف والطبخ وترتيب ثيابهم وفي المساء كانوا يجتمعون داخل خيامهم لحفظ وتجويد القرآن الكريم.
كانت الثلوج تتساقط على مخيماتهم خلال ليالي الشتاء أما فصل الصيف فكانت تصل درجات الحرارة إلى ما فوق الأربعين في العديد من الأيام مترافقة مع انتشار البعوض والحشرات في أرض جرداء لا شجر فيها ولا ماء وفي فترة إبعاده كانت والدته صابرة محتسبة دائما تدعو الله أن يفرج عنه وعن جميع المبعدين، وعندما تم الاعتراف عليه داخل السجون من بعض الشباب رفض العودة إلى غزة واستقرت معيشته في سوريا وعندها طلب مني السفر إليه.
لقد تحمل فراق الوطن من أجل الوطن وعاش بعيدا عن فلسطين لأجل فلسطين كانت فلسطين تعيش فيه. 16/12/1992 صدر القرار الحكومي الصهيوني المتضمن الإبعاد الجماعي لنشيطي حركة حماس والجهاد الإسلامي وكان بينهم عز الدين وفي 17/12/1992 انطلقت الشاحنات إلى معبر زمريا وهو آخر موقع لقوات الاحتلال الصهيوني وعند معبر زمريا تم إنزال المجاهدين من الباصات في ظل أجواء ماطرة وعاصفة تدنت فيها درجة الجرارة إلى خمسة تحت الصفر، معصوبي الأعين ومكبلوا الأرجل وموثوقي الأيدي إلى الخلف بعد رحلة مريرة من الضفة الغربية وقطاع غزة دون مأكل أو مشرب وصلت الشاحنات إلى معبر زمريا بلدة مرج الزهور في ظل ضباب كثيف وعواصف ليس باستطاعة الإنسان العادي أن يتحملها.