المنهاج والاجتهاد والحكم بما أنزل الله
هذه مطالب قرآنية لا نحتاج لإثباتها وإيجابها على أنفسنا بما أوجبها الله لسلوك طرائق المتقدمين في الاستدلال، ولن يثنينا عنها إن شاء الله التواء من يحاول أن يستر الشمس بكفه، مباشرة نستمع إلى القرآن الكريم يخاطب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾
قال ابن عباس رضي الله عنهما : "المنهاج ما جاءت به السنة"، والذي جاءت به السنة، تطبيقا للقرآن وتحكيما له : الحكم بالشورى والعدل والإحسان، بها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، وبها أمرنا معهم، وخصصت أجيالنا الصالحة إن شاء الله ببشرى الخلافة الثانية على منهاج النبوة
الذين اجتهدوا قبلنا
كانوا يدافعون عن قضايا ربما تكون الآن اندثرت، كانوا يتفاعلون مع واقعهم بنيات معينة، في مواجهات معينة، بوسائلهم الممكنة، لأهداف ممكنة. كانوا يجتهدون في نسبية تضع اجتهادهم مواضعه في الزمان والمكان والأهمية، ويضعه المقلدة في مكانة المطلق، في المكانة التي لا تنبغي إلا للقرآن وللسنة المبينة، فيا عجبا لمن يحجبه عن كلام الله قول القائلين، إلا أن يكون أميا جاهلا لا يهتدي حتى لمن هم أهل الذكر الذين أُمر مَنْ لا يعلمُ أن يتوجه إليهم بالسؤال، تلك طريق سالكُها غادٍ رائح في سكة التحجر والتعصب وضيق الأفق، عافانا الله بمنِّه.وة. .
وسكة أخرى مفتوحة على التيه والضلال، مؤدية إلى بلاد التسيب والتفلت والإباحية، هي سكة المستخفين بأئمتنا وما أسسوه من متين القواعد في علم التفسير وعلم أصول الحديث وعلم أصول الفقه وعلم أصول الدين، يدعون إلى قرآن لا يستطيعون أن يتقدموا إلى الأمة إلا باحترامه، وإلى سنة يعرضونها على العصر وما جد فيه لا يعرضون العصر عليها لتدمغ باطله بحقها، وإلى إجماع يكون أشبه بالاستفتاء الشعبي بدل إجماع علماء الأمة المعتبرين شرعا، وإلى قياس من عندهم هو الرأي السابح بلا قيود في تيارات الهوى.
إنما يحتكم إلى القرآن
ويرقي فهمه إلى التلقي عن القرآن، ويحفظ حرمة القرآن، من كان القرآن ربيع قلبه، والنظر فيه قرة عينه، والامتثال له راحة روحه، لا يضيره مع هذا أن يستفيد من علوم الأئمة، وما من علم تناولوه إلا وهو في خدمة القرآن، مستنبط من القرآن، راجع إلى القرآن، صادر عن القرآن، والسنة مبينة منيرة