رد: الأربعين النووية مع الشرح ...
الحديث الخامس عشر
- من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) .
(رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم :
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ))
قال الشافعي رحمه الله تعالى : معنى الحديث :
إذا أراد أن يتكلم فليفكر ، فإن ظهر أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك فيه أمسك.
وقال الإمام الجليل أبو محمد ابن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه :
جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث:
قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )).
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : للذي اختصر له الوصية : (( لا تغضب )).
وقوله : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )).
ونقل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى أنه قال :
السكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال .
قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس .
وكذا نقله في (( حلية العلماء )) عن غير واحد . وفي (( حلية الأولياء )) أن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه ،
كما أنه لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال : لو كنتم تشترون الكاغد للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه ))
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( العافية في عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت إلاَّ عن ذكر الله تعالى عز وجل )) .
ويقال : من سكت فسلم ، كمن قال فغنم . وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت ؟
قال : لأن لم أندم على السكوت قط ،و قد ندمت على الكلام مراراً. ومما قيل: جرح اللسان كجرح اليد،
وقيل : اللسان كلب عقور إن خلي عنه عقر .وروي عن على رضي الله عنه .
قوله صلى الله عليه وسلم :
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )).
قال القاضي عياض : معنى الحديث :
أن من التزم شرائع الإسلام ، لزمه إكرام الضيف والجار . وقد قال صلى الله عليه وسلم:
(( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) .
وقال صلى الله عليه وسلم (( من آذى جاره ملكه الله داره )).
وقوله تعالى :{ والجار ذي القربي والجار الجنب }[النساء:36].
الجار يقع على أربعة :
**الساكن معك في البيت . قال الشاعر: أجارتنا بالبيت إنك طالق
**ويقع على من لاصق لبيتك،
**ويقع على أربعين داراً من كل جانب،
** ويقع على من يسكن معك في البلد ،
قال الله تعالى :{ ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلاً }[الأحزاب:6]
فالجار القريب المسلم له ثلاثة حقوق، والجار البعيد المسلم له حقان ، وغير القريب المسلم له حق واحد .
والضيافة من آداب الإسلام ،وخلق النبين والصالحين ،و قد أوجبها الليث ليلة واحدة ،
واختلفوا : اهل الضيافة على الحاضر والبادي ، أم على البادي خاصة ؟
فذهب الشافعي ، ومحمد بن عبد الحكم إلى أنها على الحاضر والبادي .
وذهب مالك وسحنون : إلى أنها على أهل البوادي ، لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول وما يشتري من الأسواق وقد جاء في حديث :
(( الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر )).
|