بسم الله الرحمن الرحيم
 									 									الحمد لله رب العالمين والصلاة  									والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 									 									 									       أيها الإخوة الكرام ؛  									الآية الخامسة بعد المئة من سورة المائدة ،  									وهي قوله تعالى :
 									 									 									 									قبل أن نمضي في شرح هذه الآية  									الكريمة لا بد من مقدمة تلقي ضواءً على هذه  									الآية .
 									 									 									        أيها الإخوة ؛ الإنسان  									مؤلف من نفس وروح وجسد  									 									…
 									 									 									        نفسه هي ذاته ، هي  									حقيقته ، نفسه هي التي تؤمن أو تكفر ، هي التي  									تسعد أو تشقى ، هي التي ترضى أو تغضب ، هي  									التي تذوق الموت ولا تموت ، " كل نفس ذائقة  									الموت " . 
 									 									 									 									هي التي تخلد في جنةٍ يدوم  									نعيمها ، أو في نارٍ لا ينفذُ عذابها .
 									 									 									لكن الجسد ما هو إلاّ قالبٌ  									لهذه النفس ، وعاءٌ يحتويها ، ثيابٌ ترتديها  									فالنفس من خلال الجسد ترى ، والنفس من خلال  									الجسد تسمع ، والنفس من خلال الجسد تتحرك ،  									وقد تبطش ، وقد تحسن ، فما الجسد إلا وعاءٌ أو  									قالبٌ لهذه النفس .
 									 									 									        والروح هي القوة  									المحركة ، فلولا الروح لما رأى الإنسان بعينه  									، ولا سمع بأذنه ، ولا تقلصت عضلاته ، ولا  									عملت أجهزته .
 									 									 									         إذاً من باب التقريب  									والتوضيح ، القوة المحركة للأجهزة الكهربائية  									هي الكهرباء ، فإذا قطعت الكهرباء عن هذا  									الجهاز توقف .
 									 									 									        فصار الآن واضحًا أنّ  									النفس هي الأصل ، هي ذات الإنسان ، هي التي  									تسعد ، هي التي تشقى ، هي التي ترقى ، هي التي  									تسمو ، هي التي تخلد ، هي الباقية ، هي  									الخالدة ، تذوق الموت ولا تموت .
 									 									 									        والجسد بمثابة ثيابٍ  									خلعتها . 
 									 									 									        والروح قوةٌ محركةٌ  									لهذا الجسد ، فإذا انتهى أجل الإنسان ، توقف  									الإمداد الروحي ، فتعطل الجسد فخلعته النفس ،  									فصعدت النفس إلى باريها .
 									 									 									        ربنا عز وجل يقول :  									"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم " ،  									يعني إذا اعتنيت بالجسد ، فالجسد فانٍ ،  									اعتنيت ، أكلت أطيب الأكل ، وتمتعت بأجمل  									المناظر ، وسكنت في أجمل البيوت ، واقترنت  									بأجمل النساء ، هذا الجسد مؤدَّاه إلى التراب  									، فكل عنايتك وكل طاقتك ، وكل رعايتك لهذا  									الجسد خسارة ، لأنه سينتهي إلى القبر ، وإلى  									الفناء .
 									 									 									        الله سبحانه تعالى  									يقول : "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم  									" اعتنِ بنفسك لأنها باقية ، لأنها خالدة  									، لأنها في جنةٍ ، أو في نار ، لذلك يقول الله  									عز وجل: "يوم لا  									ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم  									"
 									 									 									 									( سورة الشعراء : 88 ـ 89 )
 									 									 									والحمد لله رب العالمين
 					تفسير القرآن الكريم
					لفضيلة  					الدكتور العلامة محمد راتب النابلسي