|  04-03-2010, 19:52 | رقم المشاركة : ( 1 ) | 
	| 
 
 
			
	
			| لوني المفضل : 
		
		#360000 |  
			| رقم العضوية : 
		2 |  
			| تاريخ التسجيل : 
		28 - 9 - 2007 |  
			| فترة الأقامة : 
		6608 يوم |  
			| أخر زيارة : 
		18-09-2023 |  
			| المشاركات : 
		22,199 [
		
		+ ] |  
			| عدد النقاط : 
		11001 |  
			| الدوله ~ |  
			| الجنس ~   |  
			|  |  | 
				 من سورة المائدة..العدل ، الآية 8 . 
 
 
 
 							 							بسم الله الرحمن الرحيم
 							 							
 							 							 							الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد  							الصادق الوعد الأمين .
 							 							 							       أيها الإخوة موضوعنا اليوم الآية الثامنة من  							سورة المائدة ، وهي قوله تعالى :  							                     
 							 							 							 							         الإنسان أيها الإخوة قد يجري اتصالاً هاتفياً  							، وهو مضطجعٌ على سريره ، أما لو أنه تلقى نبأً مؤلماً  							لقعد ، فانتقاله من الاضطجاع إلى القعود دليل أن الأمر  							مهمٌ ، فإذا كان الأمر أكثر أهميةً وقف ، والإنسان  							يعبر عن اهتمامه بالأمر إلى أقصى درجة حينما يقف . 							
 							 							 							الله سبحانه وتعالى يقول : "يا أيها الذين آمنوا  							كونوا قوامين" .
 							 							 							قوَّام على وزن فعَّال ، صيغة مبالغة اسم الفاعل ،  							قائمٌ قوَّامٌ ، القوَّام أشد اتصافًا بالقيام من  							القائم ، قائم لكنه متهاون ، قائم لكنه متململ ، قائم  							لكنه متراخٍ ، أما قّوام فهو في أعلى درجات النشاط ،  							وفي أعلى درجات اليقظة ، وفي أعلى درجات الجاهزية ،  							قوَّام.
 							 							 							يقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا كونوا  							قوامين لله .
 							 							 							         يعني طاقتكم ، نشاطكم ، عضلاتكم ، علمكم ،  							طلاقة لسانكم ، ذكاؤكم ، مكانتكم ، جاهكم ، هذا كله  							ينبغي أن يوظف لله عز وجل ، وأن تستنفر ، وأن تفرَّ  							إلى الله عز وجل .
 							 							 							 							"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله" .
 							 							 							         يعني أعلى درجات الاهتمام أن تقف ، وأن تكون  							مستعداً لبذل الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، أن  							تقف وأن تكون في أعلى درجات الجاهزية ، أن تقف وأنت في  							أعلى درجات النشاط .
 							 							 							هذا معنى ، "ولكن كونوا ربانيين" .
 							 							 							 							يعني يجب أن تَهَبَ كلَّ ما تملك لله عز وجل .
 							 							 							 							"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط "  							.
 							 							 							أحد أصحاب رسول الله ، وكان حِبَّ رسول الله ، أراد أن  							يشفع عند النبي في امرأةٍ سرقت ، فغضب النبي أشد الغضب  							، وكما ورد في الأثر: إنما أهلك الذين من  							قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا  							سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والله لو أن فاطمة  							بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ، هذا هو الإسلام . 							
 							 							 							       يروى أن سيدنا عمر جاءه ملِك من ملوك الغساسنة  							مسلماً ، رحب به أشد الترحيب.
 							 							 							      كان الموسم موسمَ حج ، وفي أثناء طواف الملك حول  							الكعبة ، بدوي من فزارة داس طرف ردائه ، فالمِلك لم  							يحتمل هذا ، فالتفت نحوه وضربه ضربة هشمتْ أنفه .
 							 							 							هذا البدوي ليس له إلا عمر ، ذهب إليه ليشكو هذا الملك  							الغساني جبلةَ ابن الأيهم ، فاستدعى عمر جبله ، وقال :  							أصحيحٌ ما ادَّعى هذا الفزاري الجريح ، قال : لست ممن  							ينكر شيئاً ، أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيدي ، قال  							عمر أَرضِ الفتى ، لا بد من إرضائه ، فمازال ظفرك  							عالقاً بدمائه ، قال له : وإن لم أفعل ؟ قال له يُهشمن  							الآن أنفك، وتنال ما فعلت كفك .
 							 							 							قال له كيف ذاك يا أمير المؤمنين ـ ما هذا الكلام ـ هو  							سوقة ، وأنا عرش وتاج ، كيف ترضى أن يخرَّ النجم أرضاً  							؟ قال له : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها  							، وأقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً  							لدينا وعبيدا ، فقال جبله : كان وهماً ما جرى في خلدي  							أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني ، فقال  							عمر : عنق المرتد بالسيف تحز ، عالَمٌ نبنيه ، كلُّ  							صدع فيه بشبا السيف يداوى ، وأعز الناس بالعبد  							بالصعلوك تساوى .
 							 							 							 							"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط  							".
 							 							 							            لذلك ورد أنَّ عدْلَ ساعة أفضل عند الله  							من أن تعبد الله ثمانين عاماً ، ورد أن حجراً ضج  							بالشكوى إلى الله ، قال : يا رب ، قصة رمزية ، عبدتك  							خمسين عاماً وتضعني في كنيف ـ المرحاض ـ قال تأدب يا  							حجر ، إذْ لم أجعلك في مجلس قاض ظالم ، يعني مكانك في  							الكنيف أشرف لك من أن تكون في مجلس قاض ظالم .
 							 							 							إذاً  : "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله  							شهداء بالقسط ". 
 							 							 							         أما الشيء الدقيق في الآية ، قوله تعالى : "ولا  							يجرمنكم" ، معنى لا يجرمنَّكم أي لا يحملنَّكم  							، شنآن قوم ، الشنآن البغض ، على ألا تعدلوا   							.
 							 							 							         الله يخاطب من ؟ يخاطب المؤمنين ، من هم  							أعداء المؤمنين التقليدين الكفارُ ، الفجارُ ،  							الملاحدةُ ، المنافقون .
 							 							 							         كأن الله عز وجل يقول : يا عبادي ، إذا  							توهمتم أنني أرضى عنكم ، إذا لم تعدلوا مع خصومكم  							الكفار فأنتم واهمون ، لا يرضيني إلا أن تعدلوا معهم ،  							ولا يقربكم إليَ إلا أن تنصفوهم ، ولا تقرِّبوهم إليَّ  							إلا إذا أنصفتموهم ، إن لم تنصفوهم فأنتم متوهمون أني  							أرضى عنكم ، إذا أكلتم أموالهم واعتديتم على أعراضهم  							بدعوى أنهم كفار ، فهذا هو عين الخطأ " ولا يجرمنكم  							شنآن قوم  على ألا تعدلوا "، لا يحملنكم بغض قومٍ  							على أن تظلموهم ، "اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
 							 							 							          أنتم إذا عدلتم مع هؤلاء الأعداء أنتم أقرب  							إليّ ، وإن عدلتم مع هؤلاء الأعداء قرّبتموهم إليّ ،  							فقد عرفوا عظمة الدين ، لذلك الإنسان المتوهم إذا رأى  							شخصًا غير مسلم يقول في نفسه : الطُشْهُ بالسعر ولا  							حرج ، خذ ماله ولا تهتم ، فهذا غير مسلم ، هذا هو عين  							الخطأ ، وأعود وأكرِّر الآية : "ولا يجرمنكم شنآن  							قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
 							 							 							         يعني إذا عدلتم مع أعدائكم قربتموهم من الله  							، قال : يا أمير المؤمنين أتحبني ، يبدو أنّ شخصًا  							فاجرًا قالها لسيدنا عمر ، قال له : والله لا أحبك ،  							قال : وهل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي ، قال له :  							لا والله ، حقك واصلٌ إليك ، أحببتك أم كرهتك ، هذا هو  							الإسلام .
 							 							 							 							"ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب  							للتقوى".
 							 							 							        يعني إذا عدلتم معهم قرَّبتموهم إليّ ، وعرفوا  							أحقِّيّة هذا الدين ، و إن عدلتم معهم تقرَّبتم أنتم  							إليّ ، فأنا لا أرضى عنكم إذا ظلمتم هؤلاء ، لأنكم إذا  							ظلمتموهم ، فإنكم إذاً مثلهم ، وأين الإسلام عندئذٍ ؟  							وأين عظمة هذا الدين ؟ وأين أحقّيّة هذا الشرع ؟ 							
 							 							 							لذلك يبدو أن الذي يخطئ مع مسلم ، فالخطأ صغير حجمه ،  							أما الذي يخطئ مع غير المسلم فالخطأ كبير حجمه ، لأنك  							إذا أخطأت مع مسلم يقول : فلان آذاني ، أما إذا أخطأت  							مع غير مسلم يقول : المسلمون فعلوا معي كذا ، وكذا ،  							ينتقل من ذمك إلى ذمِّ دينك .
 							 							 							           ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام : أنت  							على ثغرةٍ من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك .
 							 							 							          كل مسلم يمثل هذا الدين ، فعليه أن يكون في  							أعلى درجات الكمال ، أعلى درجات الإنصاف ، أعلى درجات  							القسط .
 							 							 							 							" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله "  .
 							 							 							استنفِرْ، فِرَّ إلى الله ، شمروا فإن الأمر جِد ،  							" شهداء بالقسط " ، في آية أخرىقال : "  							ولو على أنفسكم ".  
 							 							 							 							 							" ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا  							"، لا يحملنكم بغض قومٍ على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو  							أقرب للتقوى .
 							 							 							       يعني أنتم أقرب إليّ ، وأعداؤكم الذين عدلتم  							معهم ، يصبحون أقرب إليَّ ، "واتقوا الله إن الله  							خبير بما تعملون " ، سبحانه وتعالى خبير بعملك ،  							يعرف حجم عملك ، ويعرف الأهداف البعيدة من عملك ،  							ويعرف البواعث  الحقيقية من عملك ، ويعرف المضايقات  							التي تعترض عملك ، ويعرف كل ما بذلتَ من أجل هذا العمل  							من غال ورخيص ، ونفس ونفيس ، "والله يقدر الليل  							والنهار والله خبير بما تعملون " .
 							 							 							          أيها الإخوة ؛ هذه الآية لو طبقت فلن تجدوا  							عداوات ساحقة بين المسلمين وغير المسلمين ، يعني إذا  							ظلَمَ المسلم ، فقد سمعت مرة كلمة ، أن الأجانب ينظرون  							إلى الإسلام نظرة سيئة ، لأنهم شاهدوا إساءات مِن  							قِبَل مَن فَتَحَ  بلادهم ، بعد ما استقر الفتوح في  							أوربا مسافات طويلة ، ظهر أناس أساءوا إساءات بالغة ،  							فالأجانب حملوا هذه الصور القاتلة ونظروا إلى الإسلام  							نظرة قاسية ، فلذلك المسلم أحيانًا يسيء إلى دينه كله  							.
 							 							 							         طالب ذهب إلى أوربا ودرس ، واقترن بفتاة  							ألمانية ، أحبها وأحبته ، درسا الطب طبعاً ، بعد سبع  							سنوات ، بعد أن نال الشهادة ، اختفى !! .
 							 							 							         عاشت معه وأعانته ، وقدمت له كل ما تستطيع ،  							وأخلصت له ، فلما نال الشهادة في الطب اختفى !! تبعته  							إلى بلده ، فإذا هو في بلد آخر ، أجرى عقداً مع دولة  							من دول الخليج ، إحدى دول النفط ، فوصلت إلى وزير  							الداخلية هناك ، والوزير رفع الأمر إلى الملك ، والملك  							أصدر أمراً بطرد هذا الطبيب ، لأنه أساء إلى ألف مليون  							مسلم . 
 							 							 							         تقول هذه الفتاة : ماذا فعلت له حتى تركني ؟  							لقد أحسنتْ إليه ، واللهِ  .
 							 							 							         أحيانًا إنسان واحد قد يسيء لأمة ، لمَ لمْ  							تخبرها بأنك ستطلقها إذا انتهت دراستك ، وليعلم كل  							واحد أنّ الزواج على التأبيد ، أخلصت لك كل الإخلاص ،  							وأنا ما أردت من هذه القصة أن نناقشها ، لكن أردت من  							هذه القصة أن الإنسان أحياناً يسيء لأمته كلها إذا  							أساء التصرف .
 							 							 							" ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو  							أقرب للتقوى ". 
 							 							 							          فالمسلم ليدقق بمعاملته المسلَم مرة ،  							وليدقق مليون مرة في معاملته غير المسلم ، لأنه لو  							عامله معاملة طيبة ربما جلبه إلى الدين ، رجل معروف  							يمثل الحزب اليساري في فرنسا ، أسلم ، فكان يروي منذ  							أيام سبب إسلامه ، قال : قبل ثلاثين سنة ، كنتُ جنديًا  							ورفض مسلم أنْ يقتلني ، في الحرب العالمية الثانية ،  							لقد رفض أنْ يقتله لأسباب دينيه ، فبقيت هذه الفكرة في  							ذهنه ثلاثين عاماً ، وحملته بعدها على أن يسلم .
 							 							 							فالعمل الطيب ربما جرَّ أمة ، والعمل السيِّئ ربما  							نفَّر أمة .
 							 							 							لذلك : "ولا يجرمنكم شنأن قوم  على ألا تعدلوا ،  							اعدلوا هو أقرب للتقوى".
 							 							 							 							والحمد لله رب العالمين 
 تفسير القرآن الكريم
 لفضيلة  					الدكتور العلامة محمد راتب النابلسي
 | 
| 
 
 | 
	|  |   |