![]() |
شخوص الخيال .. حكاية ظل
" ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ، ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا " يعرف الظل بانه : ظلام تسبب به جسم ان حجب الضوء من ان يصل لسطح ما . شخوص الخيال فن دمى ، مصنوعة من جلود مجففة بألوان مختلفة ، تحرك بواسطة عصا يتحكم بها من يسمى بالـ " مخايلي " ، خلف ستار أبيض سُـلّط عليه الضوء ، فلا يظهر للمشاهد ، سوى ( الظل ) . في أجواء الظل ، برقت في ذهني هذه الحكاية .. وكانت ان تجلت في فن " شخوص الخيال " ! أسقطتها على نفسي ، علينا كلنا ! شخوص الخيال هي وجوهنا المتبدلة المتغيرة حسب المواقف ، ونتاج الخبرة مع الزمن ، ونحن بلا شك الـ " مخايلي " ، نحن الانسان .. والستار الأبيض هو وجهنا الاجتماعي الذي نمارسه باستمرار بوعينا النسبي ، أما الضوء ، فهو ماذا الا فطرة الايمان المتشعبة من توحيد يتوحد في كل امور حياتنا ؟! والعصا .. هي القانون بأنواعه هي ما يجب وما لا يجب ! ومُشاهد الحكاية ، هو من نتعامل معه ، هو ليس الله ، ولا الملائكة ! فالمشاهد يرى فقط بعض الصورة ، يرى الظل ! وما هو الظل اذا في حكايتي ؟ هو افعالنا ، تصرفاتنا وسلوكياتنا ، هو دورنا في هذه الحياة ، عملنا ! تخيلت معي حكاية شخوص الخيال ؟ الا تجد بأنها حكاية الظل ؟!! ريموت الحياة بأنواعها ، كيفية لباسنا للظل ! يقال بان الظل لا ينحني الا للانسان ، لان الانحناء صفة انسانية فالاشياء لا تنحني ، ومن هنا وجدتُ بان ريموت الحياة ان نلبس الظل بانحناء !!! تمهل ، صدقني ليست فلسفه تأمل معي الصورة ‘ يقول القانون الكوني بأن الشمس العامودية الواقع ضوءها على الراس تعمل ان لا تُظهِر الظل ، تتلخص الحالة بـ " يلبس الظل الشخص " ، هل هناك من يستطيع ان يلبس ظله طويلا والشمس عامودية على راسه ولا ينحني ؟!!!! كيف نتعلم من الكون قوانين تحكم ظلنا ؟ وهذه التي هي دورنا في الحياة ، ظلالنا ، كيف نصنفها ؟! يقال بأن أجمل أنواع الظل ، ظل الاشجار قال تعالى : " وندخلهم ظلا ظليلا " ، اوراق الأشجار ترشّح حرارة أشعة الشمس . انسان ظل الأشجار : يتدبر اليقين الذي فيه ومن حوله ، ويرشح ما يناسب الضوء الذي جبل عليه ، وان كان يعرف بان كل ما يحدث قد قرر سلفا ، يعمل ان يتوكل ، ويوازن بالايمان كل ما يبدو منه من ظلال كيفما اراد الضوء ان يسقَطَ عليه ، ولا يبالي اي اجسام قد تحجب بعضا من حاجته العطشى للنور ، هو يريد باستمرار ان يكون لظله ، مساحة من وضوح . أناس ظل الشجر في راحة . انسان ظل السحب البيضاء : " وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم " السحب البيضاء تمتص الاشعة كي لا يصل للانسان الا ما يحتاجه من ضوء وحرارة . هذا الانسان يعرف بأن ضوء الشمس الباهر عليه يخلق ظلالا مظلمة بوضوح ، وأن الايام المعتمة ضبابا ظلالها باهتة ، لان الذرات المنتشرة في الهواء تشتت بعض الضوء كي تنير الظلام ! لذا يحرص ان لا يتشتت فيه الضوء ، لانه يدرك ان انارة الظلمات يطفئ فيه الضوء الحقيقي . تجده لا يقرأ الفنجان ليعرف اسرار القادم فيرسم ظلالا تناسبها هو مدرك بان امتلاكه للخيال لن يوضح الحياة ، فيقود ظلاله التي هي عليه ومنه بحسابات بسيطة معتدلة تناسب بساطة ظله . اناس ظل السحب البيضاء في رضا وقناعة . انسان ظل الدخان : " لا ظليل ولا يغني من اللهب " ، ظلال الدخان تنتج عن اللهب ، كلها سموم وحرارة ، ليس فيها اي راحة ! انسان ظل الدخان يعتقد بانه ليس لديه اية خيارات سوى الظلام ، مصدر الضوء فيه اصغر من الحواجز الحاجبة للنور ، ظله متساوي العتمة من الداخل الى الخارج ، قطار ظله باستمرار يخرج عن القضبان ، عيشه ضيق رغم فسحة امكانيات ظلال ! يصبح الظل المظلم له وطن ، فلا يعود يعرف الحياة في وطن من ضوء . اناس ظل الدخان في شقاء . ~~~~ تخيلت معي الآن ؟! ؛ ظلالنا التي هي منا ، هي لنا ، وهي علينا ! وستظل معنا فوق التراب كنا ، أم عدنا نشكل بعض .. بعض ، عظمة تكوينه ! قد تتخلل ظلالنا أجساما أخرى ، وهي الى هذا الحد خطورة ، وأمانة ! وكأن ظل كل واحد منا في اي موقف ، ألوهية هاجعة في جوفه ، تعرفها من خلال كمية الضوء المتجلية في ظله ، ترسم فينا الوعي وحتى شخوص الخيال المتنوعة في المواقف المتكاثرة علينا والتي بطبيعتها تفلت من اي تفسير يشمله الضوء ، ترجع لوسعه وتلتزم العصا ! باستمرار ، على ضعف ظلنا ان يرجع للضوء ، لان مصدر الضوء الواسع يجعل الظل القاتم مكتملا بحيث يوصد قبضته على الموقف ليجبره ان يكون محاطا رغم الظلام بمنطقة تسمى بـ " الظل المشعشع " ، وهو يا صديقي الانسان ،ظل انساني ممكن جدا ! فيا مخايلي ؛ عليك ان تراقب ظلالك ، لتظل باستمرار ظلال تنبض شبابا لا تنام تحت الجلد زمن الصعوبة الرديء ، بل تكون تلبسك ثوبا اخضرا يمنع عنك الجفاف ، ظلا تستظل بعريض ووسع انسانيته الفطرية المجبلوة من الضوء ، لا تكن من ظلك نرجسية جوفاء ، كما كان الاغريق من معبد عرافة دلفي ، من ظنوا بأن " ابو لون apollon " يعرف كل شيء عن الماضي والمستقبل ، ربما كان الكهنه يعرفون الناس وكانوا على دبلوماسية عالية ! حتى انهم كتبوا فوق المعبد اعرف نفسك بنفسك ، كصك " رفع عتب " لانفسهم ، براءة ذمة من عتمة ظلال الناس النرجسية حق ارادوا فيه باطل .. ولا لا ننكر بان النجوم الحالمة والخيال بعض حقيقة ، وهي تؤثر على حياتنا بسطوة جادة .. ولا نملك الحق ان نصف بعض هذه الظلال الحالمة المتسرعة العفوية بانها متطيرة كخزعبلات " ابو لون " .. الا يخسف ظل الأرض .. القمر ؟ وظل القمر ، على الأرض .. الا يكسف الشمس ؟ اذا ؟ نتقبل بعض الظلال كما هي ، لحظة الغضب المظلمة ، لحظة الضعف الممكنة لحظة الضياع المتناثرة نقبل كل النجوم وتأثيرها ولكننا لا نُـفشِل عمل الضوء ونعطله باستمرار نحمل وراء اضلعنا ضوءا ينير لنا كافة ظلالنا ، ويتسع بكافة حقائبه ، بوسع امكانياتنا . لنا قدرة على الظل ، رغم اننا نؤمن بقدرة القدر ، علينا . |
الساعة الآن 21:22. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Developed By Marco Mamdouh
جميع الحقوق محفوظة لشبكة و منتديات صدى الحجاج